[وقعة يوم هران]
  ولزم لهم الطريق قوم من قِدَم فقرب منهم # بنفسه في مكان ضيق لا يجوز فيه إلا الرجل الواحد لضيقه، فرموه بالحجارة وهو لا يظهر الريبة منهم، ومد يده للسلام، فسلموا عليه ولاطفهم، وسألهم عن شأنهم، فشكوا من أصحابه فعرض عليهم أخاه الحسن بن حمزة بصاحب لهم، فأنكروا حاله، وعلموا أنه أخوه، فمضى بأصحابه عنهم بعد ذلك سالماً.
[وقعة يوم هران]
  ومن ذلك: ما هو مشهور يوم هران(١) - وهو وادي طويل - فلزم لهم البدو، وهم رماة، فانهزم أصحابه عنه فلزم على أعقابهم، وهو يحمل على العدو، ويطلع فرسه في عرض الجبل وتعمدوه بالرمي، لما شغلهم عن أصحابه، فما أصابه شيء من ذلك، ولا أصاب فرسه، وكان حاسراً لا عدة على رأسه، وقال في بعض قصائده:
  وفي يوم هران ألمْ أَحْمِ حَاسِراً ... ذوي الزرد الموضون قوماً متمما
  ولما لم يتمكن من لبس الدرع قال: اللهم لا درع إلا سترك، ولا تجفاف إلا نصرك، فستر الله عليه وحمى أصحابه، وسلموا بصبره وبلائه ونصر الله، وراح العسكر أن ينتشرون حق ذلك المقام وهو في نفسه لا يعده شيئاً.
[وقعة عجيب]
  ومن ذلك: ذكر ما هو معلوم من حرب عجيب، فإنه اجتمع من الغز لحربه # ثلاثمائة فارس سوى البغال والبراذين، والرجل خلق كثير لا يحصى، وكانت
(١) هران: واد من بلاد بكيل في ناحية ذيبين، وهو من أجل أودية اليمن.