السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[فتح صنعاء]

صفحة 80 - الجزء 1

  من غير توقف، وأمر بإخراج من في الحبوس من المسجونين، وكانوا قريباً من خمسمائة، فأراحهم الله من الضيق والجوع والعطش والعذاب والإهانة.

  ولما رأى ذلك شمس الخواص وأصحابه أنه لا بقاء لهم معه أجمع رأيهم على قصده إلى المسجد الجامع، وهموا بما لم ينالوا، وأحاطوا بالمسجد إحاطة البرجال، بالخيل والرجال، فتفرق من كان مع الإمام إلا قدر خمسة عشر رجلاً، فصلى بهم المغرب ودعا الله تعالى عقيب الصلاة بتعجيل الفرج، وتفريق شمل العدو، فما كان إلا يسيراً وتفرقوا بأسرهم، وبقي الخوف في حال الخروج وفي الطريق إلى المدينة، فتنكر # ولبس السواد، ودخل داراً وصلى بها العشاء الآخرة، وأتى رجل يخبر بوصول فرسي الإمام يجران أرسانهما مع غير معرفة منهما للمكان الذي هو فيه، ولا دخلاه قبل ذلك، فأمر بالقبض لهما، وعلى أحدهما درعه.

  وفي تلك الليلة سأله رجل أعمى عن مسائل الفرائض في ذوي الأرحام والمناسخات، وما زال ذلك دأبه - مع اشتغال قلبه بجنده، إذ هم خارج المدينة - إلى طلوع الفجر، وتفاءل في المصحف فظهرت سورة يوسف # فعلم أن الفرج يكون من الله، وقال: لا أبالي ما وقع بعد الاجتهاد، واجتمعت عساكر الغز الموالف منهم والمخالف، إلى بين يدي الإمام، وقد تفرق أصحابه عنه، فكان ذلك أعظم خطراً فنزل # من فرسه ودعاهم إلى البيعة، فألقى الله في قلوبهم الرعب، فنزلوا عن خيولهم وبايعوه وأيديهم ترتعد، ولو أرادوا به شراً لما كونه دونه شيء إلا دفاع الله عنه، وانتهزت جند الغز من كان معه من العرب، فتفرقوا عنه يميناً وشمالاً، ولم يجزم أحد أن يدنوا من الإمام مع الغز وكثرتهم، وخفقت القلوب خوفاً عليه وإشفاقاً، وهو لا يعبأ بشي من ذلك.