السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[فتح ذمار]

صفحة 82 - الجزء 1

  فلما بلغت الطلائع بإقبال عسكر إسماعيل انهزمت الرجالة، ولم يقف سوى أربعة عشر رجلاً، وثبت الإمام # في ذلك الموقف ثباتاً عظيماً عند ارتياع العسكر، عرفه من حضر من العرب والعجم، وشهدوا به، واشتدوا بما عاينوه من شدة بأسه وقوة عزمه.

  فلما علم شهاب الجزري بخروج الإمام والسلطان من صنعاء طلب أن يخلفهم عليهما فرده السلطان جكو بغير رأي الإمام ولا مشورته واضطربت المحطة، حتى علموا باستقرار الإمام #، فركب # ورد جكو ونهض الكل حتى دنوا من ذمار فخرجت خيل كثيرة من المدينة فحمل الإمام فيهم بمن معه، فانهزموا إلى المدينة ووقع الزحام على بابها، فالفائز من دخل، ووقع القتال الشديد عند الباب وعلى السور، وأوثب # حصانه بستان ابن دحية واللواء بيده، وصار من داخل البستان قريباً من السور، وقصده القوم بالرمي بالنشاب، ومعه الأمير سليمان بن موسى وهو يومئذٍ غلام حدث السن فعقرت فرسه بنشابة واشتد القتال، أينما مال الإمام مال الناس معه، وأعطى الله النصر فانهزمت قطعة من خيل العدو هاربين إلى اليمن فردتها الخيل راجعة، وقتل منهم ذلك اليوم ثلاثون من الغز فيهم ثلاثة من العرب، وأيقنوا بالهلاك فصاحوا بالأمان وسألوا الذمة، فأمَّنهم الإمام على تسليم الأموال والكراع والسلاح، وأمَّن أهل ذمار على نفوسهم وأموالهم ودورهم، وفتحت أبواب المدينة وافترق الناس عن الإمام لأخذ الغنائم ولم يبق معه ملازماً سوى ثلاثة من أصحابه وهم: مرحب وعلي ابنا سليمان والفقيه الفاضل علي بن أحمد الأكوع.

  وأقبلت العساكر بالغنائم الجليلة، وخرج باقي الجند الذين بذمار على ظهور خيلهم شاكين في سلاحهم لا يرى إلا حدق عيونهم حتى أتوا الإمام والسلطان جكو، والعسكر عنهما مفترق وليس معهما إلا جماعة قليلة، فخشي الإمام #