الكلام في الفصل الأول
  وقد قال ÷ في الأنصار: «الأنصار كرشي وعيبتي»، فمثلهم بكرشه في حفظ الغذاء، ورفض الأذى، وبالعيبة في كتمان سره وحفظ بره.
  ومعنى الإقصاء - أرشده الله -: البغضة والكراهة.
  وهذانِ نوعانِ من أعمال القلوب وأحوالِها، ولا يعبر عن الإنسان فيهما إلا نفسه، وإذا كان ظاهره الصدق قُبِلَ قولُه، ولا والذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، ما اشترك الفريقان في محبة قلبي، فأدعي لمن ذكر من أهل الدين الزيادة على نصيبهم من محبة القلب لدينهم لا لأمر آخر، ولِمَ لا ونحن المنابذون عن الدين، والذائدون عن حوزة المؤمنين، وآباؤنا من قبلنا، ونحن المستحفظون لدين الله، والورثة لكتاب الله، والخزان لعلم الله، وأهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، الذين فَتَح بنا وخَتَم، وقَضَى بعلمنا وحَتَم، قال رسول الله ÷ فيما رويناه عنه: «قدموهم ولا تقدموهم، وتعلموا منهم ولا تعلموهم، ولا تخالفوهم فتضلوا، ولا تشتموهم فتكفروا»(١).
  والإبعاد: هو البغضة بالقلب، والسبُّ والثلبُ، لا بُعْدُ المجلس.
  يقولون لا تبعُد وهم يدفنونني ... وأين مكان البعد إلا مكانيا(٢)
(١) رواه الإمام المرشد بالله (ع) في الخميسية (١/ ١٥٦) عن أبي سعيد بلفظ: «لا تعلموا أهل بيتي فهم أعلم منكم، ولا تشتموهم فتضلوا»، وروى نحوه أيضاً محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (٢/ ١٠٨) رقم (٥٩٧) من حديث أبي بن كعب، قال: «أوصيكم بأهل بيتي خيراً فقدموهم ولا تتقدموهم وأمِّروهم ولا تأمروا عليهم»، وروى نحوه في الكامل المنير عن زيد بن أرقم بلفظ: «لا تعلموا أهل بيتي فهم أعلم منكم، ولا تسبقوهم فتمرقوا، ولا تَقْصُروا عنهم فتهلكوا، ولا تولوا غيرهم فتضلوا».
(٢) قائله مالك بن الريب المازني (لسان العرب/حرف الباء).