السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الكلام في الفصل الأول

صفحة 94 - الجزء 1

  غيره:

  فتولوا سلفًا لا بَعُدوا ... وبلى والله من مات بَعُد

  معناه: لا تبعد محبتك من قلوبنا، قال: أنا في مكان البعد، يُنسى ودادي، وتُقسم بلادي، وكذلك الكلام في البيت الآخر.

  وأما تقريب المذكورين في المجلس: فلا شك أن منهم من كنا ندعوه للتصرف في خدمة لا يقوم بها سواه، وهم المحسَّبُون، فلما وصلنا تلك البلاد وكانوا بها عارفين، وقد كانوا أقوى أعمدة الظالمين، فنزعناهم عنها بالتقريب، وبلوناهم بالتهذيب، فهم الآن من أقوى أعيان الحق، غوائرهم على الغز مشنونة⁣(⁣١)، وسيوفهم لرقابهم مسنونة، وما أعلم فيهم من قطع فرضاً، ولا من يقبل في الحق نقداً ولا عَرْضَاً.

[ذكر جعفر بن الحسين الحمزي وبشر بن حاتم]

  وأما جعفر بن حسين: فهو ابن عمنا ورحمه بنا واشجة، ولزمناه من صغره إلى كبره، ونَصَرَنا بيده ومبلغ جهده، فبررناه بالإطعام، وما أمكن من الإنعام، من خالص مالنا دون مال الله، والله عز من قائل يقول: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٨}⁣[الممتحنة: ٨]، فهذا في الكفار.

  وأما السلطان الأجل بشر بن حاتم: فلا شبهة في أنه ظالم، فلا ينكر ذلك جاهل ولا عالم، ولا يُنكر معه أنه كريم قومه، وصاحب يومه، وقد قال ÷: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه»، ولما دخل عليه عدي بن حاتم تنحى له عن المخدة


(١) الغوائر: جمع الغارة، ومشنونة مفعول شنّ، وشن الغارة: أي فرقها.