السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الكلام في الفصل الأول

صفحة 96 - الجزء 1

  الحرب مواقف مشهورة، في مواطن مأثورة، في حروبنا وحروب السلطان الأجل علي بن حاتم، وفي هذه الدولة من ابتدائها إلى يومنا هذا، يقيم بدار الحفاظ موطناً لنفسه على الموطن على الموت.

  ولعل علم الفقيه - أرشده الله - قد أحاط بكونه في المضلعة مواقفاً لستين فارساً في الجنات⁣(⁣١)، في كل ليلة يتوقع البيات، فثبت أحسن ثبات.

  ثم لما كنا في حجة كان ولد سيف الإسلام في الهَجَر بجنوده وهو في سبع أفراس على باب الجنات، ثم ها هو الآن في الأطراف، ماضٍ على الهول والتخواف.

  وعذر الفقيه في ذلك ما قاله الفضل بن عيينة في بيته:

  ولكن عين السخط تبدي المساويا

  لما سخط قلبه صارت المناقب في عينيه مثالب، وإلا فأي قائد جيش يحط على فِدَة⁣(⁣٢)، وقد بلغته الكتب من ثلاثة أيام بهزيمة عسكرنا، وقتل سلطاننا⁣(⁣٣)، وظهر له من اختلال همدان وتجردهم للكون من جملة العدو، والذي يهوي إليه ألف وأربعمائة فارس، والعدو معه محارس، وجميع من في المحطة وقوفهم مبني على وقوفه، فلم تَهُلْهُ تلك الأهوال، وثبت على تلك الحال، حتى يئس من نيل شهاب، وهو في بحبوحة دار الظالمين، فانحاز بأصحابه انحياز الأبطال.


(١) الجنات: مدينة أثرية في قاع البون، تقع بالجهة الشمالية الشرقية من عمران.

(٢) فدة - بكسر الفاء وفتح الدال المهملة بعدها هاء -: حصن في وادي ضهر مشهور، وهو قلة جبل صلد معلقة لا ترتقى، وتطل على وادي ضهر من الجهة الجنوبية.

(٣) هو الأمير السلطان جكو بن محمد، وتفاصيل ذلك في السيرة المنصورية (١/ ٣٠٠ وما بعده).