الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الدعوى والشهادة واليمين

صفحة 118 - الجزء 1

  يؤخذ منه أن تحليف الشهود عند حصول الريبة جائز ومشروع.

  وأنه يجوز التغليظ في اليمين بالوقت، كبعد العصر أو في المسجد أو على المصحف أو نحو ذلك، وذلك عند الحاجة إلى التغليظ، كحصول الريبة في الشهادة.

  وقوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا} ... الآية [المائدة: ١٠٧]:

  المعنى أن أولياء الميت إذا اطلعوا على خيانة الشاهدين غير المسلمين فإن لهم أن يطالبوا برد الخيانة، فليقمهما الحاكم، وليحلفهما على ما ادعيا من الخيانة فيستحقا ما ادعيا من ذلك. وقد يستدل بهذه الآية على يمين الرد.

  ثم قال تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}⁣[المائدة: ١٠٨]، معنى ذلك أن ما جعله الله تعالى من التشديد على الشاهدين هنا كان من أجل أن يتحفَّظ الشاهدان من الخيانة، ويحرصا على الشهادة بالحق والصدق.

  ويستدل بالآية على أن على المنكر اليمين؛ لذلك ألزم الله تعالى الشاهدين في هذه الآية حين ادعى عليهم أولياء الميت الخيانة فيما استؤمنا عليه أن يحلفا أنهما لم يعتديا ولم يخونا في ذلك.

  وقد يؤخذ من الآية أن الحكم يُنقض إذا حصل ما يخله.

  وأن يمين المسلم أولى من يمين غيره، وبناءً عليه فترجح يمين المؤمن المرضي على يمين الفاسق من باب القياس.

  وأن البينة العادلة بعد الأيمان أولى من اليمين، فيكون العمل عليها، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.