الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

السلم والحرب

صفحة 171 - الجزء 1

  مِنَ اللَّهِ} ... الآية [الأنفال]، وقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ}⁣[الأنفال ٦٦]:

  يؤخذ من ذلك أنه لا يجوز الفرار من الزحف.

  كما يؤخذ أن العدو إذا كان أكثر من المثلين فإنه يجوز الفرار.

  وفيها أنه لا حرج في التولي من أجل مخادعة العدو، أو من أجل الرجوع إلى مركز التجمع، أو مركز القيادة.

  وفيها أن التولي كبيرة؛ للوعيد الشديد.

السلم والحرب

  قوله تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}⁣[البقرة ١٠٩]، وقوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ١٠٦}⁣[الأنعام]، وما أشبه ذلك مما أمر الله تعالى فيه بالكف والإعراض والعفو عن المشركين:

  قيل: إن ذلك كله منسوخ بآية السيف، كقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة ٥].

  والأولى أن تكون تلك الآيات غير منسوخة، وأن العمل بها ما زال باقياً، ومن هنا أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # في أول الأمر بالصبر والهجر الجميل والإعراض، وأخذ # في وقت آخر بآية السيف والقتال، وبناءً على ما قلنا فإن الإعراض يكون في حالة الضعف، والقتالَ في حال القوة، وتماماً كما في المسالمة الواردة في قوله تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}⁣[محمد ٣٥]. وقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}⁣[البقرة ١٩٥]، يشهد لما قلنا.