الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فالنوع الأول

صفحة 151 - الجزء 1

فالنوع الأول

  هو الخطأ في النظر والاجتهاد، ينقسم إلى قسمين:

  أ - خطأ يتعلق بأمهات مسائل أصول الدين التي يؤدي الخطأ فيها إلى الجهل بالله، فإن هذا الخطأ غير معفو عنه؛ إذ أن الله تعالى لم يعذر المشركين واليهود والنصارى فيما اعتقدوه: من الشركاء واتخاذ الولد، وطلب الرؤية، والتكذيب بالنبي ÷، وتكذيب القرآن، ونسبة القبائح إلى الله تعالى؛ فالخطأ فيما كان مثل هذا مخصوص ومستثنى من عموم الآية التي ذكرنا.

  ب - الخطأ فيما يتعلق بفروع الدين: كمسائل الطهارة والنجاسة والصلاة والزكاة والحج و ... و ... إلخ؛ فالخطأ في جزئيات ما كان كذلك معفو عنه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}، وقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} ... الآية [النساء: ١١٥].

  ويؤخذ من آية الخطأ السابقة أن تعمد مخالفة الحق الظني في المسائل الاجتهادية غير معفو عنه، بل صاحبه مؤاخذ ومحاسب.

النوع الثاني: خطأ الحاكم في الحكم

  وهذا النوع مما لا حرج فيه ولا إثم؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} ... الآية، غير أنه إذا ترتب على خطئه نقص فإنه يجب عليه تلافيه وتداركه إن أمكن، وإلا ضمن، وهذا إنما يكون إذا عرف أنه أخطأ، كأن يشهد شاهدان على رجل بالسرقة فيقطع الحاكم يد السارق، فيقول الشاهدان للحاكم: إنا قد أخطأنا، وإنما السارق غيره، فيضمن الحاكم والحال هذه الدية، وتكون من بيت المال.

  والدليل أنها من بيت المال: أن الحاكم فعل ما فعل بحكم ولايته على المسلمين، وعلى القيام بمصالحهم، والإصلاح لشأنهم، ولدفع الفساد عنهم، فما حصل بسبب ذلك فهو عليهم من بيت مالهم.