خبر الفاسق وشهادته
  قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ} معناه يرمون بالزنا، فيشترط أن يكون الرمي صريحاً، فلا ينبغي الإقدام على الجلد والحكم بالفسق وبعدم قبول الشهادة بالمحتمل.
  وفيها أنه لا بد أن يكون الشهود على الزنا أربعة.
  وأن القاذف تلحقه ثلاثة أحكام: الجلد ثمانين، وعدم قبول شهادته، والفسق.
  قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} يؤخذ منه أن التوبة تسقط ما قبلها، فتقبل بعد التوبة شهادته، ويرتفع عنه اسم الفسق وحكمه. أما الجلد فلا يسقط إذ هو حق لآدمي.
  قوله تعالى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}[يوسف: ١٨]، قد يؤخذ منها أنه لا حد على قذف المتهم بالزنا.
خبر الفاسق وشهادته
  ويؤخذ من الآية أن الفسق سلب أهلية، ومعنى ذلك أن الفاسق لا تقبل شهادته ولا خبره، لوجود المانع من قبوله؛ وذلك هو الفسق؛ فمن كان فاسقاً فليس بأهلٍ لقبول ذلك منه، ولو كان ثقة صدوقاً يتحرج من الكذب.
  ويؤيد هذا قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود: ١١٣]، والركون: هو الميل اليسير. وقبول رواياتهم والاعتماد على شهاداتهم من أعظم الركون. ويقوي ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ٥١}[الكهف]، فمن كان فاسقاً فليس بأهل أن يبلغ عن الله أحكام الإسلام؛ إذ لم يرتضه جل وعلا، وبناءً على هذا فيكون التعويل في قبول الرواية والشهادة على العدالة، لا على حصول الظن كما يقوله البعض.