الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فائدة في العزلة

صفحة 200 - الجزء 1

  وأعين الناظرين هي سبب في حصول الإعجاب وغاية الفرح الذي ينسى معه فضل الله وشكره.

  نعم، فمن أراد استدامة النعم فليذكر فضل الله عليه كلما ذكر تلك النعم، وكلما أحس بسبوغ النعمة عليه، أو بكمالها له، أو وقع نظره عليها، وإياي وإياه من نسيان الشكر ومن الغفلة، أو من الفرح بالنعمة مع الغفلة عن حمد الله وشكره، والحمد لله رب العالمين.

فائدة في العزلة

  قال الله تعالى عن إبراهيم ~: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي}⁣[مريم ٤٨]:

  يؤخذ من هذه الآية فضيلة العزلة عن أهل المعاصي، وينبغي أن يكون ذلك بعد اليأس عن القبول، وإلا فالواجب هو معالجة الناس بالتعليم والإرشاد، والجد في ذلك، وهذه هي طريقة الأنبياء À، قال تعالى عن نوح: {إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ٥}⁣[نوح] ... إلى أن قال: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ٨ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ٩}⁣[نوح]، وكما حكى الله عنه فقد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً حتى أوحى الله تعالى إليه: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ ...}⁣[هود ٣٦].

  أما العزلة عن الناس قبل اليأس من صلاحهم فلا فضيلة فيها ولا تنبغي، ولهذا عاقب الله نبيه يونس # لما ذهب عن قومه، فسجنه في بطن سمكة تحت أطباق الماء.