الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

ولي اليتيم

صفحة 66 - الجزء 1

ولي اليتيم

  قال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}⁣[النساء: ٦]:

  يؤخذ من ذلك وجوب تعليم اليتيم كيفيةَ التصرف في المال، وهدايتِهِ إلى كيفية حفظه، يُدرِّبُه وليُّه على ذلك من حين تمييزه إلى بلوغه؛ فإذا بلغ اليتيم وحَذَِقَ كيفيةَ التصرف، وعَرَفَ الولي قدرتَه على ذلك دفع إليه مالَه، فإذا كان اليتيمُ بعد بلوغه لا بصيرة له بكيفية التصرف وحفظ المال وصيانته فلا يجوز لوليه تسليمُه إليه، بل يحفظه حتى يأنس منه الرشد.

  كما يؤخذ من الآية: أن ولي اليتيم إذا كان غنياً فلا يجوز له أن يأكل من مال اليتيم، فإذا كان فقيراً جاز له أن يأكل من ماله بالمعروف.

  والمعروفُ: هو قدرُ أجرة مثله أو أقل، ولا يستقصي؛ احتياطاً من الدخول في الوعيد الشديد في ذلك.

  وقد يؤخذ من ذلك جواز بيع الولي من نفسه.

  كما قد يؤخذ من الآية أن البينة قد تقوم مقام اليمين.

  وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} ... الآية [البقرة: ٢٢٠]:

  هذه الآية فيها الحث إجمالاً على ما يُصلِحُ شأن اليتامى، فلا ينبغي للولي أن يتصرف في أموال اليتامى إلا فيما فيه صلاحهم أو صلاح أموالهم.

  وفيها فائدة، وهي جواز المخالطة والاشتراك في الطعام.

  وفيها دليل على جواز أصل الشركة وخلط أموال الشركاء.