الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

اليمين والكفارة

صفحة 134 - الجزء 1

اليمين والكفارة

  قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٤]:

  يؤخذ من ذلك كراهة الحلف من غير ضرورة على أحد تفسيرين.

  وقال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٥]، وفي آية: {بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ ...}⁣[المائدة: ٨٩]:

  دل ذلك على أن يمين اللغو لا كفارة فيها، وأن يمين الكسب توجب على صاحبها عند الحنث الكفارة، وهي أحد ثلاثة أشياء: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة؛ فمن لم يجد أيَّ هذه الثلاثة صام ثلاثة أيام متتابعات.

  واللغو: هي أن يحلف الإنسان على أمر معتقداً له فانكشف خلافه.

  وقيل: إن المراد باللغو: قول الإنسان: لا والله، وبلى والله، من غير قصد إلى اليمين.

  وأقول: لا يبعد أن يكون كلا التفسيرين مراداً بالآية، وأجدني أميل إلى هذا⁣(⁣١).

  ويؤيد ما قلنا عموم آية: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج: ٧٨]، {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ}⁣[الأحزاب: ٥]، و {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، غير أنه ينبغي أن يتخلص الإنسان من عادة الحلف التي يدخلها في كلامه.

  قوله تعالى: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}⁣[النحل: ٩١]، مخصوص بما يأتي وعليه فيكون وجوب الوفاء باليمين هو فيما يجب الوفاء به.


(١) أي التفسير الثاني وهو قول الإنسان ... إلخ.