الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الأشهر الحرم

صفحة 175 - الجزء 1

  قوله تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ١١٢}⁣[النحل]، دليل على ما ذكرنا من جواز التضييق على المشركين وقطع الطرق والميرة عليهم.

الأشهر الحرم

  قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً}⁣[التوبة ٣٦]:

  الأشهر الحرم هي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، ورجب؛ ولا خلاف في ذلك.

  وفي الآية دليل على أن لهذه الأشهر الأربعة حرمةً وفضلًا على سائر الشهور.

  والأولى من الأقوال أن حرمتها باقية غير منسوخة؛ إذ لا منافاة بين بقاء حرمتها وجواز القتال فيها؛ إذ المقصود من حرمتها - كما هو ظاهر الآية - تحريم البغي والعدوان فيها، وقتال المشركين فيها ليس من البغي والعدوان.

  وكذلك قتالهم في الحرم المحرم ليس من البغي والظلم. ويشهد لما قلنا قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٥}⁣[الحج].

  غير أن الواجب قبل ذلك هو الدعوة للمشركين إلى ترك الشرك وترك الحرب ودعوتهم للخروج من الحرم، فإن أجابوا إلى ذلك وإلا فهم حرب لله ولرسوله وللمؤمنين، وجاز قتلهم وقتالهم في الحرم المحرم.

  ويشهد لذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}⁣[التوبة ٢٨]، وقوله تعالى: {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ}⁣[البقرة ١٩١]، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}⁣[التوبة ١٧]، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ... إلخ}⁣[البقرة ١١٤]، وغير ذلك.