الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

أهل الأعذار

صفحة 49 - الجزء 1

  إذا حضر المريض والمسافر وسائر أهل الأعذار صَحَّتْ لهم الجمعة، وكونهم من أهل الرخصة لا يمنعهم من فعل العزيمة، بل إن فعلها أفضل.

  وتصح صلاة الجمعة بأهل الأعذار إلا بالنساء وحدهنَّ فلا تصح؛ وذلك أن الأمر بالسعي في قوله: {فَاسْعَوْا} متوجه إلى الذكور خَاصَّة بالاتفاق، أما النساءُ فمأمورات بالقرار في البيوت.

  فإذا لم يكن إلا النساء خلف الإمام فلا تصح الجمعة؛ لعدم حصول المأمور به، والصحة - كما في الأصول - هي: حصولُ المأمور به موافقاً للأمر، والله أعلم.

  إذن فلا بد من حصول ثلاثة رجال معهن؛ تحقيقاً لحصول الأمر في قوله: {فَاسْعَوْا}، والأمر هنا للجمع، وأقل الجمع ثلاثة، فلا بد من أن يسعى ثلاثةُ رجال، فمِن هنا يؤخذ أن أقل ما تنعقد به الجمعة خمسة: المنادي للصلاة، والخطيب، والمذكورون في قوله: {فَاسْعَوْا} وأقل ما يصح أن يخاطب بذلك ثلاثة.

  إذا حضر أهل الأعذار مسجدَ الجمعة وجبت عليهم؛ إذ لا عذر لهم حينئذ.

  إذا صلى الحاضرُ يوم الجمعة الظهرَ ثم نودي لصلاة الجمعة فيجبُ عليه الحضورُ لصلاة الجمعة؛ لقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ ...}.

  وظاهر هذه الآية أنه يجب السعي ولو إلى غير مسجد.

  وبناءً عليه فلا يجوز السفر وقت النداء، وأما قبله فلا مانع.

  ولا يكره البيع قبل النداء.

  إذا كان النداءُ إلى جمعةٍ يقيمُها الظلمة فلا يجوز السعي إليها؛ وذلك لقوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣].

  وقوله: {إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} يؤخذ منه أنه ينبغي أن تكون الخطبة كلها في ذكر الله، والثناء عليه، والدعوة إلى تعظيمه والخشية منه، والتذكير بوعده ووعيده، وتلاوة آيات من القرآن فإنه أعظم الذكر، والدعاء، والاستغفار، والصلاة على النبي ÷، فكل ذلك ذكرٌ لله سبحانه وتعالى.