وأما الفصل الرابع
  يريد دنياه، وطالب آخرة يريد رضاه، إن جاع ظعن، وإن شبع سكن، يرى أن ما مُنع من مال الله دون كفايته فقد ظُلمَه، وما زُوي عنه دون مراده فقد حُرمه.
  ثم ذكر بعد ذلك عمل علي # في بيت مال البصرة:
  فلا شك أن ذلك من أقوى الأدلة، فأما الغنى فلم نعلم فيه بوقت استغنى فيه الطوافون، والرواية في البصرة ظاهرة من أبي الأسود الدؤلي عامل علي # عليها في آخر الأيام، أن سائلاً سأل وألح في السؤال، فأمر له فأدخل فرأى معه كسراً في جرابه فأمر بحبسه، وقال: والله لأريحن الليلة المسلمين من شرِّك، فلما أصبح أرسله، ومثل ذلك - أعني: غناهم - لا يتصور، وكما قال # في اليمامة.
[رقة الإمام # على الفقراء والمساكين]
  ثم ذكر بعد ذلك - أرشده الله - ما يدل على صلابة القلب، وجفاوة الطبع، وشح النفس، أن السائل يسأل ويلح في السؤال فلا نحتفل به، ثم بعد ذلك يُعطى الشيء اليسير.
  ولا شك في ذلك، وقد علم الله سبحانه أنا ما نمنعه بخلاً، ولا جفاوة طبع، ولا قساوة قلب، وأن قلوبنا ترق على المسلمين والسائلين وبذلك عُرفنا، وهل ينتقل الطبع بعد الثلاثين، وبذلك يشهد من قرب من الإخوان بدار معين، ومن كان ينتابنا من المسلمين، ونحن في منزلنا وقرارنا، وأنا كنا نجعل المساكين صنفاً من المكرمين، - وهذا كتاب ينشر فإن علم خلافه كنا من الممقوتين -، فلما دخلنا في هذا الأمر صار نظرنا لحياة الدين، وعز الإسلام والمسلمين، فرأينا أن من ذكر من المساكين ترده الأكلة والأكلتان، واللقمة واللقمتان، وأن ذلك لا يسد أحداً من