[الجواب على الإعتراضات على السيرة]
  وإن شئت معرفة ذلك ومعرفة حقيقته فانظر إلى كتاب مصباح المشكاة في تثبيت الولاة، وما ذكرنا فيه من البراهين، وأكدنا من الاحتجاج، وتقدمنا به من المعذرة، وعرفنا فيه من الأحكام والفرائض، وقدر المأخود وحكمه، وأصله من الآثار الشريفة النبوية، فإن فيه بحمد الله ما يقنع الطالبين، ويشفي غلة الراغبين.
  وأما ما يخرج عن باب الزكاة والأعشار، وما لا يبلغ النصاب، وما زدنا على العشر لمصلحة رأيناها، وسيأتي الكلام في جوازه، فإنا قد أبحنا للشرفاء نصيباً من ذلك لمصلحة، تعود على الإسلام من جلب نفع أو دفع ضرر.
  وما فعلوا من قلة التمييز بين الزكاة وغيره، فهو خطأ لم نعلمه، ولم نأمر به، وإن كان خلطه بجنسه لا يوجب استهلاكه، ومُيِّز بالقسمة من ذي قبل على حصصه.
[الاعتراض الرابع: تعليم المتولين على الجبايات]
  قال أيده: ومن ذلك تعليم المتولين للجبايات كيفية استيفاء الزكاة، وتعليمهم الرعية ما يحتاجون، والأمر لهم بالقيام بما لا بد لهم منه من التظالم، وردع سفهائهم، وغير ذلك.
  الجواب عن ذلك: أنا قد فعلنا جميع ذلك، وكتب العهود شاهدة به وهي محفوظة إلى الآن ونسخها، وكتاب مصباح المشكاة جِمَاعُ ذلك، وفيه ما ذكر وفوقه.
  فأما ردع السفهاء: فأي ردع أعظم من أن النعاج والذئاب مجتمعة، كم من سبع من سباع الظالمين مات كمداً، ولم يبرد بالافتراس كبداً، فإن شوهد اختلاط