[الجواب على الإعتراضات على السيرة]
  في بعض الأطراف، فلعل ذلك لتعذر إصلاحه، وعدم التمكين ممن يقيم عوجه، والأفعال محتملة، والتوهم لا يبطل حكم اليقين، وقد علمت ما ذكره الحكيم سبحانه في بعض الظنون، ولهم في كل أسبوع تذكرتان ظاهرتان على أعيان الأشهاد، لا يمكن أن ينكرهما أحد من أهل العناد، وإن أنكر ما سواهما، يؤمرون بما يأتون، وينهون عما يذرون(١)، ويرغبون ويرهبون مفصلاً في كل بلدة، فهل بعد ذلك عهدة.
  هذا مع أن الموعظة لا تنقطع، والتذكرة لا ترتفع في أكثر أوقات الإمكان، وإنما ذكرنا ما لا يمكن الملحد في هذه الدولة الشريفة المنصورة دفعه، لأن أكثر اعتماد من أضاف إليه الطعن، على إثبات ما يأتي به وإن علم في الحقيقة خلافه، فجُلُّ مراده أن يثبت لنفسه عذراً بتخلفه، ولهذا تجده يلقي هذه التغليطات على من لا معرفة له، أو يراجع فيها من هو على مثل حاله، فيقوي الشر بالشر، فلو كان على بصيرة من أمره، أو ينظر لرشده، لرد الأمر إلى ولي أمره، كما قال تعالى {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء]، وهو القائم من عترة نبيهم، ومن اهتدى بهديه وسلك منهاجه.
  وفي الرواية أن أمير المؤمنين علياً # مر بيهودي يسأل مسلماً متعنتاً، فقال: سلني، فقال: يا أمير المؤمنين إنك حبر، فقال #: لَأن تسأل من يفهم خير لك من أن تسأل من لا يفهم.
(١) في (ب) يتركون.