[في شرط مال معلوم على أخذ الحق]
  من خشية الرحمن، فهؤلاء إذا بغوا بخلافهم لإمامهم حلت دماؤهم، وحرمت أموالهم، وكانت لأولادهم، إذ لا غلول فيها يعلم، ولا حق لمعاهد ولا مسلم، ولا كفارة متروكة، ولا مال ملتبس موجود، فأما أكثر أهل عصرنا - أبقاك الله - فإن الحق قد أتى على أموالهم جملة، وقضى بتلفهم بغتة، وأخذهم عنوة.
  وقد فعل ذلك الهادي # - وهو مشهور في سيرته - من أخذه لأموال المخالفين له، كما فعل في أغنام المهاذر وأبقارهم وعبيدهم، فإنه أخذها جملة وقسمها أخماساً كما يفعل في أموال المشركين، فقسم الأربعة الأخماس للفارس سهمين وللراجل سهماً، ورد الخمس على المهاذر لما وصلوا إليه تألفاً لقلوبهم، وأمثال ذلك في سيرته كثير.
  وأما علي # فإنه حارب العلماء والفقهاء والزهاد، الذين حماهم خوفُ الله الرقاد، وجافى جنوبهم عن الوساد، حلت له دماؤهم لبغيهم عليه، وأخذ سلاحهم وما أجلبوا به في معسكرهم، دون ما حوت بيوتهم وكان في منازلهم، فاعرف الفرق بين الأمرين، والفصل بين الحكمين، ولولا كثرة الأشغال لشرحنا من الأدلة، وبرهَنَّا كل حكم وعلة، حتى تصير شمساً ثانية، ولعل ذلك يكون عند حصول الفتح قريباً إن شاء الله.
[في شرط مال معلوم على أخذ الحق]
  وسأله # قال: هل يجوز للإمام أن يأخذ على أخذ الحق لقوم مالاً مشروطاً إن سلم ذلك المال، وإلا لم يُمكن صاحب الحق من أخذ حقه مثل قصة مبين؟
  الجواب: أن الأصل في ذلك أخذ نصيب من أموالهم معونة للجهاد في سبيل الله، فإذا علم أنهم لا يمضونها إلا بأن يمنعهم من مساكنهم جاز، فأما أن يكون في مقابلة دفع المال حصول الحق فلا يجوز ذلك.