السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الأجوبة الرافعة للإشكال والفاتحة للأقفال

صفحة 315 - الجزء 1

  المحطوط عنا، ويقود إلى الركة والارتباك، ولا ينفذ حكم ولا يمضي قضاء، فإن قدر إمكان التمييز بحيث يزول الحرج ألزمناه الإمام، وإن كان ذلك عندنا في الأغلب لا يتأتى، وقد عم سبحانه في كتابه وخص، ومنه نقتبس الهدى، وقال تعالى: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ٥١}⁣[النجم: ٥١]، لم يفصل بين صغير وكبير، الكبير هلك نقمة، والصغير محنة على أصولنا، وقال سبحانه في الخصوص: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٢٥}⁣[الفتح: ٢٥]، فخص كما ترى، ومن هناك قلنا: للإمام أن يأخذهم مرة، ويدعهم أخرى، ويأخذ بعضاً، ويترك بعضاً، على قدر ما يوفقه الله سبحانه له، سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تحويلاً.

  وأنت إذا نظرت إلى أهل زماننا - أرشدك الله وأيدك بتوفيقه - رأيتهم أسوأ حالاً في باب مكيدة الدين من الكفار، الذين عبدوا النار والصليب والوثن من دون الله، ومن اليهود التي قالت عزير ابن الله؛ لأن أولئك كادوا الدين من أطرافه وتخومه، ونصبوا له مكائد ظاهرة يمكن الاحتراز منها، وهؤلاء كادوا الإسلام من بحبوحته، وغيروا وجهه، ودنسوا ثوبه، ولوثوا عرضه، فكانوا بالتنزيه من الأرض أولى، وتنزيههم لا يكون إلا باجتياح أصلهم، وقطع دابرهم، واستئصال شافتهم، ولا يكون ذلك إلا بخراب منازلهم، وأخذ أموالهم، وسفك دمائهم، فهذه أمور متقاربة في الإثخان والتنكيل، ومن كان كالتابع لهم، فهو داخل في حكمهم، في رفع وجوب التفتيش عنه عندنا في الدنيا دون الآخرة، كما يعلم في أولاد الكفار أن حكمهم في الدنيا حكم آبائهم، فلا ينكر ذلك علينا منكر.

  وإن جاز أن يخالفنا في ذلك غيرنا، فخلافه لا يمنع من صحة قولنا، كما علمنا أن محمد بن إبراهيم # لم يجز البيات وقال: فيهم العبد والأجير والتاجر ومن