الأجوبة الرافعة للإشكال والفاتحة للأقفال
  نقول: إن ذلك حق، لأنه نهى عنه، وعندنا أن الإمام إذا نهى عن شيء حرم، لأجل نهيه؛ لقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، والأئمة أولو الأمر، وليس بفيء في تلك الحال، ويجوز أن يكون مثله فيئاً.
  فأما أن يكون رده متاع أهل النهروان وعبيدهم وإمائهم: لأنهم لم يستعينوا به، أو لأنه كان في موضع متنح عن العسكر، فهذا تأويل من لم يعرف القصة كيف كانت.
  أما المعونة: فأي معونة على الحرب أقوى من الأمتعة والعبيد والإماء.
  وأما كونه في جهة متنحية: فهذا أعجب، لأن الجهة ليس إلا منازلهم، وهي التي رد إليها أمتعتهم، أو معسكرهم؛ إذ لا يعقل كونهم في جهة وهذه الأمور في جهة، ولا ذلك من تدبير العقلاء في شيء، والقوم كانوا على التقدم إلى الشام، وإنما قالوا بزعمهم يقبح منهم أن يطلبوا أبعد الكافرين مع وجود أقربهما، في قصص طوال، معلومة لأهل العلم بالآثار.
  وقد علمت أن عمدة أصحابنا في جواز تغنم ما حوت عساكرهم: القياس على أهل الحرب:
  إما لتناصرهم تناصراً حلت معه دماؤهم على بعض الوجوه، فيجب أن يحل تغنم أموالهم على بعض الوجوه.
  أو لأن المسلمين لا يضمنون ما استهلكوا عليهم من أموالهم، فكان للتغنم فيه مدخل.
  دليل ذلك: مال أهل الحرب، فقد رأيت تناسب الحكمين، وقياس أحدهما على الآخر.
  ولأنا نقول: فيما وراء عساكرهم مال خرج أهله من حرم الإسلام إلى ساحة الفسق، فحل تغنمه على بعض الوجوه.