كتاب تحفة الإخوان
  والمعرفة بأهل بيته $ تتضمن الكلام في الإمامة وأحكامها وتوابعها.
  والمعرفة بالمؤمنين تتضمن الولاء والبراء وتوابعهما من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  وإنما استدللنا بالمحبة على وجوب المعرفة بذكر المحبة، لاستحالة حصول المحبة بدون المعرفة، كما لا يقول القائل: إني أحب زيداً حباً شديداً، فإذا قيل: من زيد؟ قال: لا أعرفه، ولا تتم محبة لمن قدمنا ذكره إلا بطاعته في طاعة الله تعالى، وإسعاف مطلوبه، وتوقي مكروهه، وقد أحسن الشاعر في قوله:
  تعصي الإله وأنت تأمل حبه ... هذا محال في المقام بديع
  هيهات لو أحببته لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع
  وقول الله تعالى - وهو بهذا المقام أليق - في صفة الصالحين: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة: ٤٥]، ومعنى ذلك - ولا علم لنا إلا ما علمنا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله -: أن المؤمن لما كان لا يمتنع على أخيه في مراده، ولا يترفع عليه، ولا يتباعد عنه، بل محض معنى هذه الآية أن حاله معه حالة الذليل مع العزيز لا يخالفه في أمره أبداً، يمتثل مراده، ولا ينتهي إلى مناواته، وإن كان على الكافرين عزيزاً، معناه: صعباً منيعاً؛ لأن أصل الذلة في الإبل، يقال: جمل ذلول، وناقة ذلول، بلفظ واحد للذكر والأنثى، إذا كان لا يمتنع على راكبه، ولا ينفر عن طالبه. وأصل العزة الغلبة، قال الشاعر:
  وعزت الشمألُ الرياحَ وقد ... أمسى كميع الفتاة ملتفعا
  الشمأل: ريح الشمال وفيها سبع لغات، وهو مناوحة الجنوب.