السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

جواب مسائل من بعض أهل صنعاء

صفحة 392 - الجزء 1

  الله صلى الله عليه وعلى آله - وإن كان مسلماً - انقطعت ولايته، وتعينت عداوته، وقال تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}⁣[الأنفال: ٧٢]، فلما فتحت مكة صارت جزيرة العرب كلها هجرة، فإلى أين يهاجر المهاجر والحكم واحد في شمول الإسلام للجزيرة العربية من أيلة إلى حفر أبي موسى، إلى عمان، إلى عدن، إلى بحر الحبشة، فإلى أين يهاجر إلى الفرس أو إلى الروم؟.

  وعلى من ساكن الباطنية ولهم السيف والمنبر التوبة إلى الله تعالى، وإلا كان من الهالكين، سواء كان الشيخ حميد أو غيره، فلا معنى لتعيين من يعصي الله، والله تعالى يقول لنبيه: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ}⁣[الزمر: ٦٥].

  وحكم المتدرسين في العدل والتوحيد المجاورين للباطنية حكم غيرهم من الجهال - وإن كان جرمه أكبر - في أنهم جميعاً كافرون، وهذا لا يختلف فيه أحد من علماء الزيدية، الذين حفظوا علوم الأئمة وغربلوها بأفكارهم الدقيقة، وصنفوا التصانيف العظيمة، وأوردوا الأسولة والأجوبة الدقيقة في الجيل وديلمان.

  ولقد ذكر صاحب أخبار أبي طالب الأخير # - الذي كان الأمير المحسن بن الحسن الذي قتله أهل صعدة داعياً له - بلغه عن بعض أهل العلم أنه لقي رجلاً من الباطنية وسلم عليه وسائله مناصفة في السؤال، فقال #: (اللهم مَكِّنِّي من فلان حتى أمضي فيه حكمك).

  قال: فما لبث إلا مسافة الطريق ثم جاءوه بذلك العالم فأمر به إلى نهر داخل، فلما توسط به النهر ملأ سراويله حجارة، وشد وسطه، ثم أرسله في النهر، فغرقه بمشهد العلماء والفقهاء من سادات أهل البيت $ وأشياعهم، وهو حجة لهم الآن؛ لأن أحداً لا يتمارى في علمه وورعه وكماله سلام الله عليه.