السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حكم صنعاء في وقت الإمام #]

صفحة 393 - الجزء 1

  فما هذا الاستبعاد وما سببه إلا كثرة الأنس بالباطنية أخزاهم الله، وكذلك بالمطرفية والمجبرة، فإنا في أرض اليمن أنسنا بهم حتى أنكرنا الأحكام الواجبة فيهم، وجهله الجهال ممن يعتزي إلى العلماء، فأما العلماء على التحقيق فلا يجهلون.

[حكم صنعاء في وقت الإمام #]

  وأما حكم صنعاء في وقتنا هذا فحكمها حكم دار الحرب؛ لأن سطوتها وشوكتها وسيفها ومنبرها للباطنية والمجبرة القدرية، وهذا هو الأعم فيها والأكثر، وأي شيء بعد السيف والمنبر، وحكم القوم حكمهم؛ لأنه ما بقي في صنعاء إلا من اختار ذلك غير مضطر إليه، إلا من لا يعتد به من ضرير أو عليل أو كسير أو أسير، ومن عدا أولئك فهو كافر حكماً واسماً، قطعاً وحتماً.

  وأما تصميمه على أنا نفرح بتقريب المسلم إلى الكفر، وجعل دار الإسلام دار كفر:

  فما في هذا من جواب أكثر من تصحيح أنه اعتقادك، فإن صح أنه قصد الإمام ومراده فعليه وزر ذلك وحوبه، فهو من الكبائر التي يسقط بها الإيمان فضلاً عن الإمامة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قال: «يا علي، لأن يهدي الله على يديك رجلاً مسلماً خير لك مما طلعت عليه الشمس»، وقول الله تعالى أولى بالتقديم وهو قوله: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}⁣[المائدة: ٣٢]، ومعنى أحياها: هداها؛ لأن الحياة التي هي ضد الموت لا قدرة للعباد عليها.