السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حكم صنعاء في وقت الإمام #]

صفحة 394 - الجزء 1

  وأما قولك: إنك نشأت على الفطرة، وغذيت بالإسلام، ونشأت على العدل والتوحيد، وشبت في الإسلام، وقد قال صلى الله عليه وعلى آله: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة ..» إلى آخر قوله:

  فإن أراد بهذا ذكر من قتله فما أرادوا قتله لشيء مما ذكر، وإنما لإخلاده إلى الفاجرين، ومساكنة الكافرين، الذي من دينه ودين أئمة مذهبه وعلمائهم تكفيرهم بلا تشكك ولا ارتياب، وصار إيراده هذا بمثابة قول الخارجي لعلي #: قتلتني أو أردت قتلي، إن كان ممن سلم لأني أقطع الليل صلاة وتهجداً، والأسحار استغفاراً، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأقيم الصلاة، وأوتي الزكاة، وأحج البيت، ولا أدع فريضة أعلمها فريضة، ولا أركب محظوراً أعلمه محظوراً، فمن قول علي # له لو قال: (ما قتلتك على شيء من ذلك، ولكن على الخروج على إمام الحق والاعتراض في أمره)، فتأمل ذلك تجده كما قلنا.

  وليس من شرط الحق أن يوافق الأغراض، أو يخف على القلوب، أو لا ينفصل عن نصرته من تلزمه حجته.

  وأما إن كان قولك وأذيتك واعتراضك ثأراً فيما أريد أن يعمل فيك، فإن كان الذي أريد حقاً فما حكيت من نفسك لا يجوز لك ركوبه، وإن كان باطلاً فالجرم إلى أكثر من واحد وأنت وغيرك فيه سواء.

  وأماّ إقامة نوح فهو نبي مرسل فرضه مجاورة الكافرين ومحاورتهم إلى حد الإياس ووجبت الهجرة: كما قال حاكيا عن إبراهيم: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي}⁣[العنكبوت: ٢٦]، وكانت هجرة نوح إلى السفينة، قال تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ١٠ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ١١ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ١٢