السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عهد الإمام إلى الولاة]

صفحة 417 - الجزء 1

  الرشد، وبنا يفتح ويختم، ومن تنكب منهاجنا، واقتبس من غير نورنا، وطلب السلامة بغير اتباعنا، فقد طلب الأمر من غير موضعه، والتمسه من غير أهله.

  يا أيها الناس: عليّ ما حُمِّلتُ وعليكم ما حملتم، يمين وشمال، وهدى وضلال، عليّ إيضاح السبيل، ونصب الدليل، حتى تلوح الحجة، وتتضح المحجة، وعليكم القبول والإقبال، والنصح في الأعمال، ولي عليكم طاعة، ولكم علي نصيحة، ولله في أموالكم وأنفسكم حقان، وعليكم له واجبان، فحق في حال الفترة وتراخي المحنة، وحق هو حق تأسيس الأمر وتجديد الملة، ودفع أرباب البغي والفجور عن الرسوخ في مقامات أهل العدل والإحسان.

  حبلان ممدودان لا نجاة إلا في التمسك بهما كتاب الله، وعترة نبيه ÷، والكتاب خط موضوع بين الدفتين لا ينطق بلسان، ولابدّ له من ترجمان، ونحن بحمد الله ورثته وتراجمته، ونحن المطهرون من رجس الأوزار، المنزهون من دنس الإصرار، الموضوع عنهم وبهم ثقل الآصار، ونحن المقرونون بالكتاب، ولنا به شبه كشبه الماء بالماء يعرفه ذوو الألباب، فيه منسوخ رفع عنا حكمه، ومتشابه لا يجوز اتباعه، ومحكم يحتاج إلى الرجوع إليه كحاجة الطفل إلى أمه، ويجب الرجوع إلى مقتضى حكمه، ونحن كذلك فينا ضال في اعتقاده سقط حكم فتواه، ومجاهر بالمعاصي اتخذ إلهه هواه، وسابق أوجب طاعته الله، فعادى من عاداه، ووالى من تولاه، وهل يُسقطُ سبقَ السابقين فسقُ الفاسقين، قال الله عز من قائل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦}⁣[الحديد: ٢٦]، فلم يُخرج المهتدين المستحفظين فسقُ الفاسقين عن وراثة الكتاب، ولا ينكبهم عن منهاج الصواب، خذ ما صفا ودع ما كدر.