السعي المشكور المشتمل على نوادر رسائل الإمام المنصور القسم الأول،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مصباح المشكاة في تثبيت الولاة

صفحة 428 - الجزء 1

  وأشرفها الجهاد في سبيل الله، الفريضة التي تقام بها الفرائض، وتحيا بها السنن، وتعمر بها الأرض، ويُؤَمَّن بها الخائف، وينتصف بها من الأعداء، فالمحروم من حرمها، والغانم من لزمها.

  وعليك إلزام أهل عملك الفرائضَ التي لله سبحانه من الصلاة التي هي عمود الدين، وقد هلك بتضييعها أكثر المسلمين، والزكاة على وجوهها بنية صادقة، والصوم والحج بعد الاستئذان، وتوطين النفس على الجهاد في سبيل الله قبل حصوله، والتشمير فيه قبل حلوله، ولا تدع من ذلك ممكناً، فإن خشيت فساداً من عند أمر راجعت إمامك في أمرك.

  فقد علمت أن الهادي # استعمل عاملاً على قوم لا يعرفون الصلاة وهم في جبل برط، فانتهى أمرهم إلى أن أنكروا على العامل بنفسه الصلاة فمنعوه منها، حتى خرج إليهم الهادي إلى الحق # وذللهم، حتى لم ينكروا على عامله الصلاة بعد ذلك.

  وكذلك خرج إلى الأعصوم وكانوا يبيتون الضيفان مع حريمهم كرامة لهم، فأزال ظاهر هذا المنكر الأكبر ولم يتعرض لما سواه، وإن أردت ألا تبقى فريضة إلا قاموا بها صعب ذلك، إلا أن تجد في ذلك إمكاناً، وعليه أعواناً، وجب ذلك عليك، ولا تدع إلزام فريضة؛ لأنه لا يمكنك إلزام أخرى فإن ذلك قول الجاهلين بجهلهم، فإن الدين مبني على فعل الممكن من الواجب.

  وإياك ثم إياك أن تشتغل عن تفقد رعيتك، والحراسة لهم عن الكلام في دولتك، والاعتراض في إمرتك، فإن صاحب الدولة كصاحب السفينة، إن فرط في قليل الخلل غرق، فإذا أظهرتَ قدرتَك ورأيت للعفو أهلاً وقابلاً فافعل.