كتاب الدعوة الشريفة المنصورية العامة
  أما من انتسب إلى نجار النبوة، وحاز شرف القرابة والبنوة، فقد انتسب إلى من شرع شرائع الإسلام، وسن سنن الإيمان، وطمس رسوم الجور، وأعلن كلمة الحق، وأخمد نار الباطل، ومن حق الخلف اتباع السلف، قال الله تعالى في محكم القرآن: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ٢١}[الطور: ٢١]، فهؤلاء أولى الناس باتباعه عليه وعلى آله أفضل السلام واقتفاء آثاره وإحياء رسوم دينه.
  وأما أهل العلم: فالعلم وراثة النبوة، والإمامة خلافتها، فمن لم يحفظ خلافة النبوة فقد تزحزح عن الوراثة قصيّاً، ولم يكن لله تعالى ولا لأوليائه وليّاً.
  وأما سائر المسلمين: فهم جند الله المجند، وسيفه المجرد، ولهم أموال منهوبة، وحقوق مغصوبة، لن ينالوها إلا بما فتح الله عليهم من رجوع الحق إلى نصابه، والملك إلى أربابه، من أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي، ومختلف الملائكة.
  وأما سائر الرعية على اختلاف طبقاتهم: فهي ظالمة مظلومة، غاشمة مغشومة، يأخذ قويها ضعيفها، ويهضم كثيرها قليلها، فلا بد لها من مقوم يقوم أودها، ويطرد لددها، ويجري حكم الله فيها، وينشر رداء العدل عليها، حتى تسكن عفاريتها ومردتها وطغاتها وعندتها، بلين وشدة، وحلم وحدة، فلا يستعمل السوط مكان السيف فيكون مستضعفاً، ولا السيف مكان السوط فيكون جباراً مترفاً.
  واعلموا: أن الله أدب عباده بأدبين: أحدهما: السوط، والثاني: السيف، لم يجعل تعالى عند أولي الأمر فيهما هوادة.
  واعلموا: أن أبعد الظالمين وأقربهم عندنا في الحق سواء، فهلموا رحمكم الله إلى قسمة السوية، على مقتضى الشريعة النبوية، والسيرة العلوية، فوالذي يحلف به عبدُ