[وقعة ميتك]
  من علماء نواحينا رأى في المنام كأن هاتفاً يهتف من السماء بأعلى صوته: أيها الناس، عليكم بالله الأكبر، والإمام الأطهر، والنور الأزهر، والعلم الأنور، وإلا فعليكم لعنة الله أجمعين، فهذه جملة كافية في هذا الباب.
  وأما الدلالات المتقدمة التي دلت على تاريخ قيامه ونطقت بصفاته فبها كثرة عن أن نحصيها في هذا الموضع، وكثير منها مودع في سيرته الشريفة.
  وأما شجاعته # وقوته على تدبير الأمر:
  فما ظهر ظهور النهار من رباطة جأشه والثبات عند الأمور الكبار والمواقف الهائلة في مقامات القتال والحروب التي كانت من وقت انتقاله من الهجرة بعد الدرس ولم يقص شاربه إلى أن قبضه الله إليه حميد مفقوداً شاكراً سعيه راضياً قوله وفعله سلام الله عليه ورحمته ورضوانه:
[وقعة ميتك]
  فمن ذلك: قيامه بجبل ميتك(١) محتسباً في سبيل الله تعالى، وحارب السلطان علي بن حاتم(٢) سلطان العرب من جهة، وسلطان العجم سيف الإسلام(٣) من جهة،
(١) مَيْتك ويقال فيها مَوْتك بفتح الميم وسكون الوأو أو الياء ثم تاء مثناة من فوق وكاف وهو مَا يسمى عفار فِي الشمال الشرقي من حجة. والفَوْحُ من الريح والفَوْخُ إِذا كان لها صوت.
(٢) هو السلطان علي بن حاتم بن أحمد بن عمران بن الفضل اليامي، هو الثاني من سلاطين الدولة الحاتمية، تولى بعد وفاة أبيه حاتم سنة (٥٥٦) ه، وسيطر على حصون كثيرة، وكان له مواقف كثيرة مع الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان #، ثم مع الإمام المنصور بالله #، ومواقفه بين الولاء والعداء، بقيت صنعاء تحت سلطانه إلى شوال سنة (٥٨٥) ه، حين استولى عليها طغتكين الأيوبي، فانتقل إلى حصن ذمرمر، وتوفي به سنة (٥٩٧) ه.
(٣) سيف الإسلام: هو طغتكين بن أيوب أخو صلاح الدين الأيوبي، أحد سلاطين الدولة الأيوبية في اليمن، تولى سنة (٥٧٩) هـ، وسيطر على معظم أجزاء اليمن، وقد وقعت بينه وبين الإمام المنصور بالله # معارك والإمام في أيام دعوته الأولى بالإحتساب التي دعاها (٥٨٣) هـ، وتوفي طغتكين سنة (٥٩٣) هـ.