الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الاستفتاء والتقليد

صفحة 189 - الجزء 1

  ومن أمثلة العجب قول فرعون: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ٥١}⁣[الزخرف]، متطاولاً على موسى بذلك، ومفتخراً عليه، فجاء فرعون بمقولته هذه احتجاجاً لاستحقاقه الهيمنة والسلطان من دون موسى.

  ويدل على ما قلنا أولاً من جواز الفرح بنعمة دينية أو دنيوية قوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ٤ بِنَصْرِ اللَّهِ}⁣[الروم]، {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}⁣[الرعد ٣٦]، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٥٨}⁣[يونس].

الاستفتاء والتقليد

  قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٤٣}⁣[النحل]:

  فيه أن الجاهل يجب عليه أن يسأل العالم.

  وأن العالم يلزمه العمل بمقتضى اجتهاده وعلمه.

  وقد يؤخذ منه أن السائل إذا سأل وجب عليه العمل بمقتضى ذلك، فيدل على أن السؤال التزام في تلك المسألة.

  وينبغي أن يراد بالعلم هنا معناه الأعم، وذلك أن المسائل العملية أكثرها ظنية.

  وقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٨}⁣[الزمر]:

  قد يؤخذ منه أن العامي إذا تعارضت عليه أقوال العلماء لزمه العمل بما ظنه أحسنها، وأحسنها: هو ما ظنه أقرب في عقله إلى الصدق والحق.

  وكذلك المجتهد إذا تعارضت عليه الأمارات.

  قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ١٦٩}⁣[البقرة]: