الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

التواضع

صفحة 190 - الجزء 1

  يؤخذ منها أنه لا يجوز الإفتاء بغير علم، وينبغي أن يكون المراد بالعلم معناه الأعم، وذلك أن أكثر الأحكام ظنية.

  وقوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ٢٢}⁣[الزخرف]:

  يؤخذ منه تحريم التقليد.

  ويحمل ذلك على التقليد في مسائل الأصول والكلام: كمعرفة الله، فلا يجوز التقليد في ذلك؛ إذ أن الله تعالى لم يعذر المشركين في عقيدتهم في الأصنام واستحقاقها للعبادة، وكذلك اليهود والنصارى في تأليههم للمسيح، و ... إلخ.

  قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ...} إلى قوله: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ١٥٧}⁣[النساء]:

  يؤخذ منه فساد العقائد الناشئة عن الظن، وقبح الاستناد إلى الظن. ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}⁣[الإسراء].

التواضع

  قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ١٨ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ١٩}⁣[لقمان]:

  فيه النهي عن التكبر والترفع، والنهي عن المشي خيلاء. وفيه الأمر بالقصد في المشي، وهو المراد بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}⁣[الفرقان ٦٣]، والمراد بذلك المشي الذي يظهر صاحبه بمظهر التواضع.

  وفيها الأمر بخفض الصوت، والتقبيح للجهر الشديد، وذلك مستنكر في الفطرة.