الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

المضمضة والاستنشاق

صفحة 18 - الجزء 1

  قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦]، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، يؤخذُ من ذلك أنَّ مَن ابْتُلي بسلس البول، أو جراحة مستمرة، أو باستمرار دم الاستحاضة - أَنَّه يتوضأ ويتطهر ويصلي.

  غير أن الواجبَ أن يتوضأ لكل صلاة؛ وذلك أنه مُحْدِث؛ ولقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} ... الآية [المائدة: ٦].

  وعليه أن يُطهِّرَ ثيابه على قدر وُسعه في اليوم أو اليومين، وإذا كان من أهل السعة فليخصص ثوباً طاهراً لصلاته، فإذا فرغ من صلاته غسل أثر النجاسة وعزله للصلاة الأخرى، وكل هذا لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦]، وقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦].

  - كما يُؤخذُ من الآية الأُولى وهي قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ ..} وجوبُ تخليلِ اللحية ومسح الرأس جميعه مع الأذنين ظاهرهما وباطنهما؛ إذ هما من مُسَمَّى الرأس، وتخليلِ أصابع الرجلين، وتخليلِ الشجج.

  - وأنه يَكفي غَسلُ الأعضاء مرة مرة؛ إذ الإطلاق يقتضي ذلك. وأن تجديد الطهارة مشروع لكل صلاة.

  - كما يُؤخذُ منها أَنَّه لا يجزي مسحُ الخفين ولا القدمين ولا العمامة والخمار.

  - وَأَنَّ الأقطعَ يغسلُ ما بقي من العضو إلى الحد الذي أمر الله تعالى به.

  - كما يُؤخذُ منها أَنَّه لا مانع من تفريق غسل الأعضاء؛ إذ لم تَشترط الآيةُ الولاءَ ولا التفريقَ.

  قولُه تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[يونس: ٣٦]:

  يؤخذ منه أن الطهارة المتيقنة لا تبطل إلا بحدث مُتَيقن، وكذلك العكس؛ فلا بد من تيقن الطهارة لكل عضو.