الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

المضمضة والاستنشاق

صفحة 19 - الجزء 1

  كما يُؤخذُ من الآية الأولى⁣(⁣١) أنه يَكفي وضوءٌ واحدٌ عند القيام إلى الصلاة ولو كانت الأحداث كثيرة، ويُقاسُ على ذلك كفايةُ غُسْلٍ واحد للحيض والجنابة.

  وقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ}⁣[المائدة: ٦]:

  - يُؤخذُ منه أنَّ من أصابه كسرٌ فَجُبِّر أَنَّه لا يَلزمُه حَلُّه إذا كان يخشى عنتاً.

  - كَمْا يُؤخذُ منها أَنَّ مَن أصابه جدري أو احترق بالنار وخشي ضرراً من الدلك فَإنه يَكفيه الصبُّ.

  وإِنْ كان بعضُه سليماً وبعضه مصاباً دَلَكَ السليمَ، وصَبَّ على المصاب، ويقوي ذلك قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، و {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦].

  وقد يُؤخذُ من الآية وُجوبُ النية؛ وذلك أن التقدير: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا لها وُجُوهَكم و ... إلخ؛ فَمِن هنا تُشترطُ النيةُ عند الوضوء بنيتها، أي: بنية الصلاة.

  وَقد يُؤخذُ مِن هنا أَنه لا يُصَلَّى بِذلك الوضوء إلا ما تَعلَّقتْ به النيةُ، إن عاماً وإن خاصاً.

  وقد يُؤخذُ من الآية أيضاً جَوازُ تفريق غسل أعضاء الوضوء، وجوازُ تفريق غسل البدن؛ إِذ لم يُذكرْ في الآية إلا مطلقُ الغسل وقد حصل مع التفريق، والله أعلم.

  وقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}⁣[المائدة: ٦]، فيه أنه يَجبُ طلبُ الماء؛ لِأنه لا يقال ذلك إِلا بعد الطلب، وقد يُؤخذ من ذلك أنه لا يَتيممُ عادمُ الماء إلا في آخر الوقت؛ لأنه لا يَتحققُ العدمُ إلا في آخر الوقت.


(١) آية الوضوء {إِذَا قُمْتُم ...} الآية.