الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فائدة حول القرآن وحديث العرض

صفحة 210 - الجزء 1

  قلنا: قد يقال في الجواب: إن الله سبحانه قد علم - وهو العليم الحكيم - أن شهرة هذه الأحكام وظهورها يغني عن ذكرها في القرآن، فقد علم سبحانه أنه لا يقع في تلك الأحكام اشتباه ولا التباس إلى أن ينقطع التكليف.

  فإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة إلى بيان ما كان كذلك، وعلى هذا فيكون معنى الآية: تبياناً لكل شيء يحتاج إلى بيان.

  نعم، هنا مسائل جزئية كتثنية التكبير وتربيعه، وإثبات الحيعلة ونفيها، وإفراد الإقامة وتثنيتها، وكالضم والإرسال في الصلاة، وإثبات القنوت ونفيه في الفجر، وما شاكل ذلك - لم تُبين في القرآن ولم تشتهر بين المسلمين، فوقع فيها الخلاف والنقاش.

  فنقول: إن هذه الجزئيات - وما شاكلها مما لم يبين في الكتاب ولم تظهر وتشتهر بين علماء المسلمين - أمرها مبني على التخفيف والتسهيل، وسميت عند علماء المسلمين بالمسائل الاجتهادية، وقالوا فيها: كل مجتهد مصيب، وقالوا: لا تضليل بسببها ولا تبديع. فعرفنا حين لم يبين حكمها في الكتاب، ولا اشتهر حكمها بين الأمة لا بالتواتر ولا بغيره، وسماها العلماء مسائل اجتهادية، وقالوا: لا تضليل بها ولا تبديع، وكل مجتهد فيها مصيب - عرفنا من ذلك كله أن الأمر فيها مبني على التخفيف والتسهيل والتيسير، وأن الخطأ فيها لا يخل بالإسلام والإيمان والتقوى.

  نعم، فهذان النوعان اللذان لم يذكرا في القرآن - وهما: المسائل الظاهرة والمسائل الاجتهادية - لا يمكن عرض الأحاديث التي تدل عليهما على القرآن؛ إذ أن القرآن لم يتعرض لهما بنفي ولا إثبات.

  وهناك قسم ثالث لا يتأتى فيه العرض على الكتاب، وهو ما جاء في حديث الترغيب والترهيب والقصص والآداب.