صلاة الخوف والجماعة
  وتدل الآية أنه يُشترطُ لصحة صلاة الخوف الضَّربُ في الأرض - وهو السفر - والخوفُ من فتك العدو.
  وفيها أنه يجب حمل السلاح خشيةَ أن يميل عليهم العدو، ويؤيد الوجوبَ قولُه: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ ..}.
  كما يؤخذ من الآية أن التحفظَ مما يخافُ منه لا يُنافي التوكل، وبناءً على هذا فلا يجوزُ الدخولُ فيما يخاف فيه الهلكة، وذلك كالسفر في الرُّبع الخالي - مثلاً - بدون زاد ولا ماء، أو في طريقٍ الغالبُ عليها قُطَّاعُ الطرق بدون سلاحٍ وأصحابٍ اعتماداً على التوكل.
  وقد يحصل شيءٌ من ذلك بدون قصد إليه، فحينئذ الدعاءُ هو سلاح المؤمن، {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}[النمل: ٦٢].
  قوله تعالى: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩]:
  يؤخذ منه: أن الصلاة قد تسقط على مَن تُهُدِّدَ بالقتلِ أو بالجروح البليغة.
  وعلى من تُهُدِّدَ أنْ يفعلَ ما أمكنه من التكبيرِ والقراءةِ والاستقبالِ والإيماءِ؛ وذلك لقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وقد جاء الترخيص في النطق بكلمة الكفر لمن أُكْرِهَ على ذلك، فقال تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦].
  والإكراه يكون إما بالقتل، أو بالجروح البليغة، أو بالضرب والإهانة، أو بالحبس والقيد، غير أن الواجب أن يفعلَ المكلفُ مع ذلك ما أمكنه كما قدمنا؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
  هذا، والآية قد تضمنت ذكر صلاة الجماعة؛ فيدل ذلك على أنها عند الشارع بمكان.
  وفيها أنه لا ينبغي التفريطُ فيها حتى في أحرج المواقف.