الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

صلاة الخوف والجماعة

صفحة 38 - الجزء 1

  وقوله: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ليس المراد به قصر الرباعية إلى اثنتين، وإنما المراد به ما ذكر من صلاة الخوف، وأن كل طائفة تقصرُ صلاة الجماعة مع الإمام، فتصلي معه ركعة فقط، وتتم الأخرى وحدها.

  أما قصر الرباعية فأدلته من السنة، ولا خلاف في مشروعيته.

  وفي الآية دليل على جواز انتظار الإمام من أجل أن يلحقَ المؤتمُّ صلاةَ الجماعة، ويؤيد ذلك ما أمر الله به من المعاونة على البر والتقوى.

  فإن قيل: إن صلاة الخوف مما خالف القياس فلا يقاس عليها، كما ذلك مقرر في الأصول.

  قلنا: الذي لا يقاس عليه هو صلاة المؤتم؛ لأنها هي التي خالفت القياس، أما صلاة الإمام فلم تخالف القياس.

  وفي الآية دليل على أن المطر والمرض والسفر والخوف أعذارٌ ... ، وقد يؤخذ من قوله تعالى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ}⁣[النساء: ٧١]، أنه يجوز مراقبة العدو حال الصلاة بيسير الالتفات؛ ومن هنا أمر الله تعالى بحمل السلاح في الصلاة.

  قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ٢٠٤}⁣[الأعراف]، يؤخذ منه أن الإمام يتحمل القراءة عن المؤتم فيما جهر فيه الإمام، والواجب على المؤتم حينئذ هو الاستماعُ والإنصاتُ، ومَن قرأ حال جهر الإمام فلم يستمعْ ولم ينصِت.

  ينبغي أن يراعيَ إمامُ الصلاة حالَ المؤتمين؛ فلا يطول عليهم تطويلاً يحرجهم، فقد يكون فيهم المريض وذو الحاجة، وقد يُستدلُّ لذلك بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}⁣[المائدة: ٢].