سورة الكافرون مكية
سورة الكافرون مكية
  ﷽: قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١} وسبب نزولها أن الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف لقوا رسول الله ÷ فقالوا: هلم يا محمد فلتعبد ما نعبد ولنعبد ما تعبد ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله فإن كان الذي جئت به خيراً مما كنا قد اشتركنا فيه وأخذنا بحظنا فيه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يدك كنت قد شركتنا وأخذت بحظك منه؛ فأنزل الله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ٢} فصار حرف الأمر في هذه السورة وسورة الإخلاص والمعوذتين متلواً لأنها نزلت جواباً وإعناتاً للكافرين.
  معنى قوله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ٢} يعني من الأوثان {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ٣} يعني الله تعالى وحده لا شريك له {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ٤ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ٥}.
  فإن قيل: فما فائدة هذا التكرار؟ قيل: فيه وجهان أحدهما: أن قوله في الأول: لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) في الحال، وقوله في الثاني يعني المستقبل. والثاني: إخبار عنه وعنهم في الماضي فلم يكن ذلك تكراراً لاختلاف مقصودهما.
  فإن قيل: فلم قال: وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) ولم يقل من أعبد؟ قيل له: لأنه مقابل لقوله: وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وهي أصنام وأوثان لا يصلح فيها إلا ما دون من فحمل الثاني على الأول لتقابل الكلام ولا يتنافى.
  {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ٦} أي لكم جزاء أعمالكم ولي جزاء عملي لأن عملهم الكفر وعمله الإيمان فكفاني بجزاء عملي ثواباً وكفاكم بجزاء عملكم عقاباً.