البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الغاشية مكية

صفحة 887 - الجزء 2

سورة الغاشية مكية

  : قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ١} والغاشية فيها تأويلان أحدهما أن تكون بمعنى القيامة لأنها تغشى الناس بالأهوال والأوجال. والثاني: أنها النار لأنها تغشى وجوه الكفار وتلفح ومعنى هل بمعنى قد.

  {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ٢} والمراد بها وجوه أهل المعاصي كلها من المشركين وسائر العصاة المذنبين وعنى بيومئذ يوم القيامة وخاشعة يعني ذليلة تخشع في النار نعوذ بالله من عذاب النار فلا ينفعها. {عَامِلَةٌ} بالمعاصي {نَاصِبَةٌ ٣} يعني تعبة فيها ويجوز أن تكون ناصبة في النار.

  {.. تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ ءَانِيَةٍ ٥} يعني قد أنى حرها فانتهى واشتد {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ٦} والضريع شجرة تسميها قريش الشبرق كثيرة الشوك فإذا يبس في الصيف فهو ضريع قال الشاعر:

  دع الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعاً نازعته المخائض

  وكيف يسمن من أكله الشوك؟!

  {.. لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ١١} يعني لغواً من الكلام وفيه منتهى الوزر والآثام {.. فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ١٣} والسرر جمع سرير وهو مشتق من السرور وفي وصفها بأنها مرفوعة تأويلان أحدهما: أنها مرفوعة في أنفسهم لجلالتها. والثاني: أنها مرفوعة المكان لارتفاعها وعلوها وفي معنى ارتفاعها وجهان أحدهما: ليلتذ أهلها بالارتفاع. والثاني: ليشاهدوا بارتفاعهم عليها ما أعطوه من ملك وأوتوه من نعيم.

  قوله تعالى: {.. وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ١٥} يعني الوسائد أحدها نمرقة وقيل إنها المرافق شعر:

  وريم أحم المقلتين محبب ... زرابيه مبثوثة ونمارقه

  {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ١٦} يعني بها البسط النفيسة الفاخرة المبثوثة المبسوطة.

  {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ١٧} ليستدلوا بما فيها من العبر على وحدانيته وبعلو قدرته على هذه الأمور أنه قادر على بعثهم،