البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الواقعة مكية

صفحة 769 - الجزء 2

سورة الواقعة مكية

  : قوله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ١} والمراد بها القيامة {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ٢} أي لا يكذب بها أحد عند وقوعها ممن يكذب بها في دار الدنيا {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ٣} أي خفضت في النار أعداء الله ورفعت في الجنة أولياءه {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ٤} أي زلزلت ورجفت {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ٥} وأصله من البسبسة وهو السويق أو الدقيق يلتّ ويتخذ زاداً والمعنى أنها سالت سيلاً {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ٦} روينا عن أمير المؤمنين علي # أن الهباء المنبث هو رهج الغبار يسطع ثم يذهب وكذلك أعمال العصاة التي عملوها للخير لا ثواب لهم عليها تشبيهاً بالهباء الذي لا يحصل منه شيء.

  {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ٧} أي أصنافاً ثلاثة، وذلك قوله: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ٨ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ٩ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ١٠ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ١١} فهؤلاء الأزواج الثلاثة فأما أصحاب الميمنة فهم أهل الجنة وإنما سموا بذلك لأن العرب تنسب إلى اليمين ما كان من فعل الخير فتقول: تيمنت بفلان في الخير وتشآمت به في الشر وأصحاب المشأمة هم أهل النار، والسابقون السابقون هم الأنبياء والأئمة $ وإنما كرر لفظهم لأن المعنى والسابقون إلى الإيمان والإسلام السابقون إلى الجنة.

  قوله تعالى: {.. ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ١٣} أي جماعة ومنه قول الشاعر:

  ولست ذليلاً في العشيرة كلها ... يحاول منها ثلة لا يسودها

  ثلة من الأولين أي جماعة من السابقين الأولين {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ١٤} أي جماعة من الآخرين أي وجماعة من اللاحقين