البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة التكوير مكية

صفحة 870 - الجزء 2

سورة التكوير مكية

  : قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ١} يعني ذهب ضوؤها فأظلمت {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ٢} أي تغيرت قال الشاعر:

  حزنان قضى فانكدر ... تقضي البازي إذا البازي كسر

  وسميت النجوم نجوماً لظهورها في السماء بضوئها. {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ٣} أي سويت بالأرض {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ٤} والعشار جمع عشراء وهي الناقة لحملها عشرة أشهر وهي أنفس أموالهم قال

  الشاعر:

  هو الواهب المائة المطصفاه ... إما مخاضاً وإما عشارا

  فتعطل لاشتغالهم بأنفسهم من شدة الخوف وعطلت يعني أهملت {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ٥} أي جمعت لأعواضها التي تستحق بذبحها وركوبها والحمل عليها لأن الله سبحانه لما أباح لنا منها ما أباح وجب عليه أن يعيضها عما لحقها من الآلام بذلك ليكون فعل ذلك عدلاً فيكون عوضها إنعاماً منه وفضلاً.

  {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٦} أي أوقدت فاشتعلت ناراً لأن البحار تصير يوم القيامة ناراً وروينا ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~.

  قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٧} يعني بمن عمل مثل عملها فعامل الخير يعامل الخير إلى الجنة وعامل الشر يعامل الشر إلى النار وكل غاو ضال يقرن بمن أغواه وأضله {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٨} والموؤدة المدفونة حية وقد كان الرجل في الجاهلية إذا ولدت له ابنة دفنها حية ومنه قوله تعالى: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}⁣[البقرة: ٢٥٥]، أي لا يثقله قال الشاعر:

  وموؤدة مقبورة في مغارة ... تأمها موؤدة لم توسد

  وتقرأ: سئلت بضم السين على أنها تكون هي المسئولة فتقول: لا ذنب لي فيكون ذلك الكلام منها أبلغ في الحجة على قاتلها، وتقرأ سألت قاتلها لم قتلت فلا يكون له عذر وكان الواحد منهم يغذوا كلبه ويقتل ابنته فأبى الله سبحانه ذلك.