البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الشمس

صفحة 894 - الجزء 2

سورة الشمس

  : قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ١} وهذان قَسَمان قَسَمٌ بالشمس وقسم بضحاها، وضحاها إشراقها وضوءها {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ٢} أي اتبعها وفي اتباعها ثلاثة تأويلات أحدها: من أول ليلة من الشهر إذا سقطت الشمس ترى القمر عند سقوطها. والثاني: الخامس عشر من الشهر تطلع القمر مع غروب الشمس. والثالث: في الشهر كله فهو في النصف الأول يتلوها وتكون أمامه وهو وراءها، وإذا كان في النصف كان أمامها وهي وراءه.

  {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ٣} يعني أظهرها وأضاء النهار بها قال قيس بن خطيم:

  تجلت لنا كالشمس تحت غمامة ... بدا حاجب منها وضنت بحاجب

  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ٤} أي سترها بظلمته قالت الخنساء:

  أرعى النجوم وما كلفت رعيتها ... وتارة أتغشى فضل أطمار

  قوله تعالى: {.. وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ٦} أي وما بسطها {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧} المراد بها كل نفس أي سوى خلقها وعدّل تركيبها {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨} يعني ألهمها الخير والشر والنفع والضر والطاعة والمعصية.

  وروينا عن آبائنا $ عن زين العابدين أنه كان يقول إذا مر على هذه الآية: اللهم ألهم نفسي تقواها أنت وليها ومولاها وأنت خير من زكاها. على هذا وقع القسم يعني قد أفلح من زكى الله نفسه بطاعته وعمل صالح الأعمال، وزكاها طهرها وأصلحها.

  {.. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠} يعني أخفاها وأحملها بالبخل ويحتمل أن يكون المعنى دسستها في معصية الله {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ١١} يعني طغيانها ومعصيتها.

  {... فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ} يعني دمر عليهم {فَسَوَّاهَا ١٤} يعني في الهلاك {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ١٥} يعني عقبى ما صنع بهم.