البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة فاطر مكية

صفحة 665 - الجزء 2

  قال الإمام الناصر لدين الله ~:

سورة فاطر مكية

  : قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} والفطر الشق للشيء بإظهار الحسن يقال: فطر ناب البعير إذا طلع وفطر دمه إذا أخرجه وفطر البئر إذا ابتدأها وفي فاطر السماوات تأويلان أحدهما: خالقها ومنشئها. والثاني: شاقها بما ينزل منها وما يعرج فيها {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} يعني إلى الأنبياء والخلق بإنعام وانتقام {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} لأن بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة وبعضهم له أربعة {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} يعني يزيد في خلقه ما يريد وينقص ما يريد. {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} والرحمة المطر.

  قوله تعالى: {... أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} وهذه الآية عامة في جميع الكفار الذين صدوا عن طريقة الحق واتبعوا أهواءهم، وفي الكلام محذوف وتقديره: فإنه يتحسر يوم القيامة.

  قوله تعالى: {.. مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} العزة المنعة أي من كان يريد أن يعتز فليعتز بطاعة الله ø.

  وسبب نزول هذه الآية أن المشركين عبدوا الأوثان لتعزهم كما وصف الله تعالى عنهم في قوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ءَالِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ٨١}⁣[مريم]، فأنزل الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وهو توحيده عما أشرك به الجاحدون الكافرون {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} يعني أن العمل الصالح يرفعه الله لصاحبه {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ} يعني يشركون في الدنيا {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} يعني في الآخرة {وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ١٠} يعني