سورة المدثر مكية
سورة المدثر مكية
  ﷽: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ١} يعني يا أيها المتدثر بالنبوة وأثقالها {قُمْ فَأَنْذِرْ ٢} قومك عذاب ربك {.. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ٤} وفي المراد بالثياب أربعة تأويلات أحدها: العمل. والثاني: أن المراد بها القلب. والثالث: المراد بها النفس. والرابع: المراد بها الثياب الملبوسة على الظهر.
  فمن تأول العمل قال: وعملك أصلح وذلك لما روينا عن رسول الله ÷: «يحشر المرء في ثوبيه الذي مات فيهما» يعني عمله الصالح والطالح. ومن ذهب إلى أنه القلب استدل بقول امرئ القيس:
  وإن تك قد ساءتك مني خليقة ... فسل ثيابي عن ثيابك تنسلي
  وإذا أريد بالثياب النفس ففيه وجهان أحدهما: طهِّر قلبك عن المعاصي والآثام. والثاني: وقلبك فطهر من الغدر واستشهد لهذا المعنى بقول الشاعر:
  فإني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدره أتقنع
  ومن تأول بالنفس فإنما أراد نفسك فطهر مما كنت تتفكر فيه وتحذر منه، من قول الوليد بن المغيرة. ومن أراد بها الثياب الملبوسة على الظهر فتأويله: فأنق ثيابك ومنه قول الشاعر:
  ثياب بني عوف طهار نقية ... وأوجههم عند المشاهد غران
  ويحتمل أن تكون طهارة الثياب تشميرها وتطهيرها أو غسل ما عليها من الأدران والأوساخ وهذه الوجوه التي ذكرناها شائعة جائزة في اللغة والعرف وهذا وإن كان خطاباً لرسول الله ÷ فالمراد به الأئمة من ولده وسائر الأمة بعدهم.
  {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ٥} والرجز هو الذنب والظلم ومنه قول رؤبة:
  كم رامنا من ذي عديد مبرى ... حتى وقمنا كيده بالرجز