البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الفرقان

صفحة 554 - الجزء 2

  قال الإمام الناصر لدين الله #:

سورة الفرقان

  مكية كلها إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة من قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ}⁣[٦٨] ... إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٧٠}.

  : قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} وتبارك هو تفاعل من البركة والفرقان هو القرآن وهو كل ما فرق بين الحق والباطل وقيل إنه اسم لكل كتاب منزل كما قال: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ}⁣[الأنبياء: ٤٨]، {عَلَى عَبْدِهِ} يعني محمد ÷ وقرئ: نزل الفرقان على عبده {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ١} أي ليكون محمد ÷ نذيراً، والنذير المحذر من الهلاك قال الشاعر:

  فلما تلاقينا وقد كان منذر ... نذيراً فلم تقبل نصيحة ذي النذر

  {... وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني مشركي قريش والقائل لذلك هو النضر بن الحارث {إِنْ هَذَا} أي القرآن {إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ} أي كذب اختلقه {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ} أي اليهود.

  قوله تعالى: {... انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ} يعني فيما تقدم من قولهم {فَضَلُّوا} يعني عن الحق {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ٩} يعني مخرجاً من الأمثال التي ضربوها.

  قوله تعالى: {... وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ} قيل إن جهنم لتضيق على الكافرين كضيق البرج على الرمح، وفي قوله: مقرنين وجهان أحدهما: مكتفين، والثاني: يقرن كل واحد منهم مع شيطانه {دَعَوْا هُنَالِكَ