سورة المزمل مكية
سورة المزمل مكية
  ﷽: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ١} والمزمل الملتف في شيء قال امرؤ القيس:
  كأن ثبيراً في عرانين وبله ... كبير أناس في بجاد مزمل
  ومعنى الكلام في هذا الموضع: يا أيها المزمل بالنبوة والقرآن أي الحامل لهما والمخصوص بهما {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ٢} أي صل في الليل إلا قليلاً، وقد كان فرض عليه وعلى أمته قيام بالليل فقاموا حتى ورمت أقدامهم حتى نسخ بآخر السورة وفي مدة فرضه إلى أن نسخ ستة أشهر المدة ما بين نزول أول المزمل وآخره سنة، وصلاة الليل عندنا مستحب وهي ثماني ركعات بأربع تسليمات لأن الرسول ÷ كان يصليها بعد النسخ وإنما ورد النسخ بالتخفيف لأنهم يقومون الليل أكثره فلذلك قال: {إِلَّا قَلِيلًا} لأن قيام الليل كله غير ممكن واستثنى منه القليل لراحة الجسد والقليل من الشيء ما دون النصف وقيل القليل الثلث، وحد الليل ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر.
  ثم قال: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} وكان ذلك تخفيفاً إن لم يكن زمان القيام محدوداً فقام الناس حتى ورمت أقدامهم.
  وروينا أن رسول الله ÷ قام في الليل فقال: «أيها الناس أكلفوا من الأعمال ما لا تطيقونه فإن الله ø لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل وخير الأعمال ما ديم عليه» ثم نسخ ذلك بقوله: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ}.
  {وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا ٤} أي بينه تبيينا {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ٥} والقول الثقيل هو القرآن لأن العمل به في فروضه وأحكامه وحلاله وحرامه ثقيل على طباع الكافرين {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} ساعاته لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة {أَشَدُّ وَطْئًا} يعني مواطأة قولك لعلمك وموافقة قلبك لسمعك وبصرك ويحتمل أن يكون المعنى أشد نشاطاً لأنه في زمان راحتك {وَأَقْوَمُ قِيلًا ٦} أي أصوب للقراءة وأثبت للقول لأنه في زمان التفهم والفراغ.
  {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ٧} يعني فراغاً طويلاً لنومك وراحتك فاجعل ناشئة الليل لعبادتك ... {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ٨} أي