سورة الأحزاب مدنية
  قال الإمام الناصر لدين الله ~:
سورة الأحزاب مدنية
  ﷽: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} وهذا وإن كان معلوماً من حاله ففي الأمر به ثلاثة أوجه أحدها: استدامة التقوى والاستكثار منها على ما قام فيه من جهاد أعداء الله. والثاني: أن هذا خطاباً للنبي ÷ والمراد به الأمة.
  والثالث: أن الآية سبباً وذلك ما روينا أن أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا المدينة ليجددوا خطاب رسول الله ÷ في عقود كانت بينهم وعرضوا عليه أموراً فكره جميعها ونزلوا على عبدالله بن أبي سلول والجد بن قيس ومغيث بن قشير فنهى الله تعالى نبيه عن طاعة الكفار من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة، وجاء النهي تأكيداً لمخالفة أمرهم وإن كان المعلوم من رسول الله ÷ أنه لا يطيعهم.
  قوله تعالى: {... مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} وهذا مثل ضربه الله تعالى لنبيئه حين نهي عن طاعة الكافرين أنه لا يكون لرجل قلب مؤمن معنا وقلب كافر علينا لأنه لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب رجل واحد {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} وهو أن يقول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي فهذا ظهار كان يحرمون به في الجاهلية النكاح ويبينون به الزوجات ويجعلونهن كالأمهات فأبطل الله تعالى ذلك أن تصير محرمة كالأم فبين كفارة ذلك، وقد ذكرناها في سورة المجادلة ومنع المظاهرين من مقاربتها حتى يكفر.
  {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} عنى بذلك التبني لأن الرجل في الجاهلية يكون ذليلاً فيأتي ذا القوة فيقول ابني نعم فإذا قبله فيقول: نعم