البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

[سورة الأنعام]

صفحة 235 - الجزء 1

[سورة الأنعام]

  

  قال الإمام الناصر لدين الله: سورة الأنعام مكية

  إلا ثلاث آيات فإنها نزلت في المدينة وهي قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} ... إلى آخر الآيات.

  قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} روينا أن فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود، والحمد لله ورد على صيغة الخبر ومعناه الأمر أي احمدوا الله ø لأن خلق السماوات والأرض نعم توجب الحمد وجمع السماوات ووحد الأرض لتفخيم السماوات على الأرض والجمع أبلغ في التفخيم من التوحيد كقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ}⁣[الحجر: ٩]، والسماوات مقدمة في الخلق على الأرض.

  {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} والظلمات مقدمة على النور {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ١} أي يعدلون الأصنام التي عبدوها ويعدلون به إلهاً غيره لم يخلق كخلقه {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} يعني أنا خلقنا آدم وخلق آدم من طين فصار أصل خلقنا من الطين {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} هو الذي كان ينتهي إليه المقتول أو الغريق لو لم يقتل {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ٢} أي تشكون.

  قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} أي هو المدبر في السماوات والأرض {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} أي ما تخفون وما تظهرون.

  قوله تعالى: {... وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} يعني ملكاً يشهد بتصديقه {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ} أي لو أنزلنا فلم يؤمنوا لقضي عليهم بعذاب الاستئصال لأن الأمم السالفة كانوا إذا اقترحوا على أنبيائهم الآيات فاجابهم الله إلى ذلك فلم يؤمنوا استأصلهم بالعذاب {ثُمَّ لَا