البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الحديد مدنية

صفحة 775 - الجزء 2

سورة الحديد مدنية

  : قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} والتسبيح هو التنزيه لله تعالى عما أضافه إليه الجاحدون الملحدون والمراد بما في السماوات الملائكة وما فيهن من بديع خلق الله وما في الأرض يعني من حيوان وجماد، وقد ذكرنا في تفسير تسبيح الجماد والحيوان الذي هو غير مكلف ما أغنى عن الإعادة {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١} العزيز في انتصاره الحكيم في تدبيره.

  {.. هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣} عنى بالأول أنه قبل كل شيء لقدمه والآخر أنه بعد كل شيء لبقائه، والظاهر أنه فوق كل شيء لعلوه، والباطن أنه محيط العلم بكل شيء بقربه ويجوز أن يكون الظاهر بمعنى القاهر لما ظهر وبطن.

  قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ} يعني من مطر وغيره {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من نبات وغيره {وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ} يعني من مطر وغيره {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} أي من الملائكة وغيرهم {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} حتى لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ولا أمر من أموركم.

  قوله تعالى: {... وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} وهو الإنفاق في الجهاد وغيره من وجوه البر والخير، مستخلفين فيه أي معرضين.

  قوله تعالى: {... وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي له السماوات والأرض وأنهما إليه ترجعان كرجوع الميراث إلى المستحق {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي # لأنه الذي قاتل قبل الفتح يعني قبل فتح مكة وواسى رسول الله ÷ بنفسه وماله ومواقفه قبل الفتح مشهورة ومقاماته بعده مذكورة ~ وإنما كان القتال