البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة الليل مكية

صفحة 895 - الجزء 2

سورة الليل مكية

  : قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ١} أي إذا غطى كل شيء وستره {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ٢} أي ظهر وأضاء {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٣} عنى به كل ذكر وأنثى من أنسي وبهيمة {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ٤} أي مختلف فمنكم مؤمن ومنكم كافر وبر وفاجر ومطيع وعاص.

  {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥} أي أعطى ما وجب عليه من حقوق الله سبحانه واتقى أي اتقى محارم الله ø التي نهى عنها {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦} يعني بتوحيد الله ø وسائر ما أوجبه على خلقه من عبادته وطاعته {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧} يعني الخير في الدنيا والثواب في الآخرة يوم القيامة.

  {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ٨} بخل بما عليه من حقوق الله واستغنى بماله وهذه الآية في أميةوأبي بن خلف {.. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ١٠} وروينا عن آبائنا عن رسول الله ÷: «ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا وجنبها ملكان يناديان يسمعهما الخلائق كلهم إلا الثقلين: أيها الناس هلموا إلى ربكم، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ولا غربت شمسه إلا وملكان يناديان يسمعهما الخلائق كلهم إلا الثقلين: اللهم اعط منفقا خلفاً واعط ممسكاً تلفا ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥} ... الآية».

  {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ١١} أي في النار {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ١٢} أي تبيين سبيل الهدى والضلالة {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ١٣} يعني ثواب الدنيا والآخرة {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ١٤} أي توهج وأنشد أبونا أمير المؤمنين علي #:

  كأن الملح خالطه إذا ما ... تلظى كالعقيقة في الظلام

  يعني إلا الأشقى {.. الَّذِي كَذَّبَ} بكتاب الله {وَتَوَلَّى ١٦} عن طاعة الله.

  {... وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ١٩} المراد وما لأحد عند الله من نعمة يجازيه بها {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ٢٠} يعني إلا أن يفعلها ابتغاء وجه الله فيستحق الجزاء {وَلَسَوْفَ يَرْضَى ٢١} أي يرضيه ما أعطاه لسعيه.