البرهان في تفسير القرآن،

الإمام أبو الفتح الديلمي (المتوفى: 444 هـ)

سورة النور مكية

صفحة 532 - الجزء 2

  قال الإمام الناصر لدين الله #:

سورة النور مكية

  ، قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} وإنما خصت بهذا الافتتاح لأن المقصود بها الذكر والوعيد فافتتحت بالرهبة كسورة التوبة والسورة اسم المنزلة الشريفة.

  قوله تعالى: {وَفَرَضْنَاهَا} قرئ بالتشديد والتخفيف أي قدرنا فيها الحدود مأخوذ من قوله: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}⁣[البقرة: ٢٣٧]، أي قدرتم. ومن شدّد أراد بتمييز ما فيها من الحلال والحرام.

  قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وإنما قدم أمر الزانية على الزاني لأن الشهوة منها أغلب وأكثر، وحد الجلد مائة جلدة مع الحرية والبكارة وهو أكثر حدود الجلد لأن فعل الزنا أغلظ وأشد من القذف بالزنا.

  وأما المحصنات فحدهما الرجم بالسنة والجلد بالكتاب فنسخ خطه وبقي حكمه وكان في سورة الأحزاب. {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} وهو أن تدعوه الرحمة إما إلى تخفيف الضرب أو إسقاط الحد حتى لا يقام عليه {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢} مع الإمام وشهود الزنا ليكون ذلك زيادة في نكاله وبينة في إقامة حده.

  قوله ø: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ٣} فالناكح هنا بمعنى الزاني أي الزاني لا يزني إلا بزانية والزانية لا تزني إلا بزان {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ٣} أي حرم الزنا على المؤمنين.

  قيل: إن هذه الآية نزلت في رجل من المسلمين استأذن على رسول الله